تعد وجبة السحور بمثابة الوقود الذي يسير به الإنسان حتى يفطر، فهو سنة قد شدد عليها الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، فقال: "تسحروا فإن في السحور بركة"، فالسحور يعين الصائم على إتمام صومه وعبادته حتى يفطر دون أن يبلغ به الأمر مبلغ (عضات الجوع)، ولكن ما يحدث من عادات غذائية خاطئة عند تناول وجبة السحور أو الإفطار، عند الكثير من الأسر، سواء من الإسراف في تناول الأطعمة أو التركيز على الأطعمة المشبعة بالدهون، والسكريات،أو حتى عدم تناول هذه الوجبة، يستدعي التعرف على الوصايا النبوية والنصائح الطبية التي تعين الصائمين على الاستفادة من هذا الموسم ليس فقط روحانيا بل وصحيا.
نظرا لأن وجبة السحور تعد أكثر أهمية من وجبة الإفطار -كما أكد الاطباء- لذا فمن الضروري التعرف على فوائد السحور، والعناصر التي يجب أن تحرص حواء على أن تقدمها لأسرتها في هذه الوجبة.
فوائد السحور كثيرة، فهو يمنع حدوث الإعياء والصداع أثناء نهار رمضان، ويساعد على التخفيف من الإحساس بالجوع والعطش الشديد، كما ينشط الجهاز الهضمي، ويحافظ على مستوى السكر في الدم فترة الصيام.
أما النصائح التى يقدمها الأطباء لربة الأسرة بشأن إعداد وجبة السحور متكاملة الفائدة الصحية فهى:
1-احرصي على إعداد المأكولات التي تتسم بالبطء في عملية هضمها- بدلاً من المأكولات التي يتم هضمها بسرعة- مثل الأطعمة التي تحتوي على الألياف المتوافرة في منتجات الحبوب الكاملة والفواكه والخضروات والبقوليات، مثل الحمص ،والعدس الأصفر،و البليلة، فالألياف تملأ المعدة لمدة طويلة مما يقلل الإحساس بالجوع، و(الفول) يُعد أحد الوجبات التي يفضل تناولها أثناء السحور، لأنه يحتوي على قيمة غذائية عالية، وبه مصدر مهم للمواد الكربوهيدراتية، البروتينيات، والمعادن، وتزداد فائدة طبق الفول إذا تم إضافة الليمون إليه، وفي حالة المعاناة من عسر الهضم نتيجة تناول طبق الفول، يمكن أن يتم إزالة القشرة الخارجية له، لأنها تحتوى على نسبة مرتفعة من السليولوز. ويمكن أن يحتوي السحور أيضا على البيض والجبن خفيف الملح.
2- قدمي لأسرتك منتجات الألبان أثناء السحور، كاللبن الزبادي، واللبن (الرايب)، لأنه غذاء ملين ويحتوي على كمية خمائر تنبه البكتريا النافعة في المعدة لتكوين فيتامين b المفيد للجسم، كما يتوافر في اللبن عنصر الكالسيوم، وهو من الأغذية التي لا تتعب المعدة أثناء النوم.
3- نوعي في تقديم السوائل لأسرتك، سواء من الماء أو العصائر الطازجة معتدلة البرودة، وغير المعلبة، أو الغازية، وذلك لاحتوائها على مواد مؤكسدة تزيد من الإحساس بالعطش، وليست المبالغة في الشرب أثناء السحور هو ما يقينا من العطش أثناء فترة الصيام، لأن الجسم -كما يؤكد أساتذة التغذية -لا يأخذ سوى حاجته من المياه، ويتخلص من المياه الزائدة.
4- يفضل قبل بدأ شهر رمضان التدرج وتخفيف نسبة الكافيين في الجسم، عن طريق التقليل من شرب المنبهات مثل الشاي والقهوة، ولكن في حال الرغبة في تناول أحد الأكواب السابقة، فيفضل أن يكون ذلك قبل السحور بساعتين، مع عدم الإسراف في المنبهات خصوصا أنها-أي المنبهات- من المشروبات المدرة للبول، ومن ثم تشعر الصائم بالعطش الشديد.
5- قدمي لأسرتك بعض الخضروات مثل الخيار والخس في وجبة السحور، نظرا لاحتوائها على نسبة كبيرة من الماء ،والتي تساعد الجسم في تعويض ما يفقده من سوائل أثناء الصوم، وتحمي الفرد من الإصابة بالإمساك، وتعطي الجسم ما يحتاجه من الفيتامينات والأملاح. ويفضل أيضا احتواؤه أيضا على الفواكه مثل: الموز خصوصا أنه مصدر جيد للبوتاسيوم والماغنسيوم والهيدروكربونات التي يحتاجها الجسم أثناء الصوم.
6- احرصي أن تكون وجبة السحور متوازنة ولا تحتوي على الأغذية الغنية بالسعرات الحرارية مثل الأغذية التي تقلى في الزيت، أو المسبكات، لأنها ستسهم في إصابة أفراد أسرتك بالحموضة وتزيد من الوزن لديهم.
7-تجنبي الأغذية شديدة الملوحة، والتوابل والبهارات، والحلويات المركزة مثل الكنافة والبقلاوة، والمكسرات، والأطعمة الدسمة أو المقلية، لأنها تزيد الإحساس بالعطش.
8-من الأخطاء الفادحة التي يقع فيها المتسحرون، هي تناول قدر كبير من الطعام في هذه الوجبة خوفا من الشعور بالجوع، ثم التوجه مباشرة للنوم مما يعطي فرصة أكبر للإصابة بالسمنة.
9-احرصي على تأخير السحور لأسرتك، حيث إن التأخير يمكّن الجسم من الاستفادة من المواد الغذائية لأكبر فترة ممكنة من ساعات النهار. وقد حثنا سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام على ذلك، فقال: (ما تزال أمتي بخير ما عجلوا الإفطار وأخروا السحور).
10- نوعي في تقديم التمر في وجبة السحور بالأخص مع الأطفال، فيمكنك أن تقدمي لأسرتك أصنافا مثل التمر مع البيض أو التمر مع اللبن، ولكن بدون إضافة نسبة كبيرة من السكر، فالتمر له تأثير نفسي مهم لمن يتناوله، والتمر من العناصر الغذائية التي ينصح بها الأطباء، خصوصا للأشخاص الذين يشعرون بالدوخة والتراخي وزوغان البصر، وقد قال النبي محمد عنه: "نعم سحور المؤمن التمر"
يبقى التأكيد على أن الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة مثل القلب ، والسكر، والضغط، عليهم عمل زيارة للطبيب المعالج ، لمعرفة الأطعمة المحظور تناولها والمسوح بها أثناء الصيام، وما جرعات الأدوية التي يجب أن يتناولها المريض أثناء الشهر الكريم، ومدى قدرة المريض على الصيام.
إن المبالغة في الجوع والعطش ليست هي الغاية من الصوم، وكذلك الحال في المبالغة في تناول الأطعمة سواء أثناء فترة السحور أو الإفطار، إنما المطلوب مجرد الامتناع عن الطعام والشراب وغيرهما من المفطرات من الفجر إلى الغروب، ولو سبق هذا الامتناع وجبة جيدة معتدلة، ومتنوعة، تعين عليه وتخفف مشقته لما قلل ذلك من ثواب الصائم، فالسحور يجلب المزيد من الطاقة والثواب للصائم.